الجمعة، 26 سبتمبر 2014

قصة قصيرة (لم يعد هناك ما يبهج)



كان يوماً جميلا ومشمساً ذهب أطفال العاصمة دكا كغيرهم إلى المدارس  ، وتشبث من إستطاع من الشباب بغاندي! غاندي ليست امرأة ولا رجل إنها حافلة مهترئة بقدر إهتراء الطرق لا تسمع صوت صرير محركها أو عجلاتها حتى صوت إهتزاز فرائضها المرتجفة كالمصاب بالبرد تكاد لا تسمعها، والسبب هو صياح كومة الناس الذين يمتطونها، المسكينة تندس تحت أكوام الحالمين فلا يظهر منها سوى أعينها الزجاجية الذائبة من شدة البكاء.

 عندما تطلق صوت بوقها يصمت المتشبثون  بها وتشتد احداجهم كالقنافذ خشية الوقوع أو السقوط من فوق ضهرها، والسقوط مصيبة كبيرة  في بنغلاديش لا يريدها أحد كبداية ليومه الطويل.

 في غضون ساعة من الصباح رحلت مئات الغانديات وتوارت عن الأنظار ذهبت بالمحروقين ليعاد حرقهم، إستراح كبار السن وميسوري الحال وأصحاب السيارات، الآن بعد رحيل الغانديات بإمكانهم أن يبدؤوا يومهم القصير،  تبدأ الطيور في التصفير والأشجار بالتعبير تخرج الزهور مع البنات الجميلات وتغسل المطاعم موائدها يتم تغير الأثاث والصحون وأطباق الطعام حتى تستقبل أناس جدد تحسبهم ليسوا من بنغلاديش، تتزين المطاعم وترص الكراسي على المقاهي وتقدم وجبات من الطعام الراقي، تستريح وتستمتع المدينة بكونها عاصمة وبينما الناس هانئة  عبر حمار! يركض بدون هدي وراح يدرأ شوارع المدينة روحة ورجعة وخلفه اثنان من رجال الشرطة ، أحد الثوار علق على ظهره لوحة اعلانية كتب عليها العبارة التالية ( কি আনন্দ আর নেই)، هذه العبارة كانت كفيلة أن تعيد الفوضى التي غادرت بها الغانديات والآن لا يوجد غانديات آخري لتحملها.

 اصطدم الحمار الهارب بعربة متجولة تبيع طعام الكاري وهو أكل شديد الحرارة بسبب الفلفل الذي أصاب عيني الحمار فجن جنونه دخل عنوة أحد المطاعم التي بدلت موائدها وحطمها ومنها إلى قهوة مجاورة ومنها الى بقالة ثم اخرى فإشطاط غضب الناس ، أفسد يومهم حمار مجنون بسبب الفلفل! كان من الممكن أن يتركوه لمصيره لو لم يكن يحمل اللافتة التي زادت في إفساد مزاج رجال الشرطة.

 ركض خلفه المئات من الناس بعضهم كان يضحك وهو يلاحق الحمار والبعض الآخر الذي تضرر كأصحاب الحوانيت كان شرهم يستطير في عصيهم وسكاكينهم وحبالهم لحقوا بالحمار المسكين اثخنوه ضرباً وطعناً حتى استسلم وأنزوي في زقاق خلف المطعم قام أحد الجنود برفع اللوحة من على ظهره ومزقها فيما كان الجندي الآخر مباشرة قد اطلق النار عليه ترك في الزقاق ينزف حتى الموت انتهت رحلة الحمار وعاد الكل من حيث أتي سوي صاحب المطعم الذي بدي عليه التأثر والغضب غطي الحمار بقطعة قماش لحين عودة الغانديات أراد تعويض الخسائر الفادحة التي تكبدها هذا الصباح.

قصني هذه القصة صياد سمك طاعن في السن التقيته في بنغلاديش ختم كلامه بقوله هكذا يسرق اللصوص تاريخ الرموز من الرجال الذين وهبوا حياتهم من أجل الشعوب وعندما نستسلم لليأس نتحول في نظرهم إلى حمير تحمل اسفاراً.

سألته عن معني العبارة الثورية التي كانت على ظهر الحمار قهقه في وجهي لدرجة تمنيت فيها أنني طبيب أسنان لأتمكن من خلع ضرس العقل الظاهر في تجويف فمه الكبير ورداً على سؤالي أجاب (لم يعد هناك ما يبهج)!.





سلطان خويطر،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق