السبت، 23 أغسطس 2014

الشجرة و الأسد

الشجرة و الأسد،،

وقع أسد في فخ نصبه أحد الصيادين وتصادف أن الفخ كان مربوطاً في جذع شجرة جميز عملاقة،  أفرغ الأسد جل طاقته محاولاً الإفلات من الشرك الذي أمسك بقدمه دون جدوي فلما أشتد به الألم جلس محسور الرأس من شدة التعب وأخذ يزأر عله يجد من ينقذه أو يرأف بحاله،  وما أن هدء حتى هبت نسائم تنبئ بهطول المطر دمعت عيني الأسد وهو في هذه الحالة المزرية مربوط بجوار شجرة وتنهد مخاطباً الشجرة الحمد لله على الأقل بجواري شجرة أستظل تحت أغصانها وتحميني من المطر، ليت الهواء يقتلعها من مكانها ويحررني من قيدي الممسك بجذعها وأتحرر وأعود للبوتي  وأشبالي ، أقترب الأسد من جذع الشجرة وراح يحتضنها بلطف آسف لأني تمنيت لك الخراب من أجل سعادتي، أفكر في نفسي ونجاتي فقط ، حتى لو كان على حساب هلاك غيري!، أعلم أنه لا ذنب لك لكنه قدري وقدرك، أغفري لي أمنيتي السيئة لعلمي أنك لا تملكين من أمرك شيء  وإلا كنت طلبت منك مساعدتي بدل أن أتمني هلاكك.

الشجرة : لا أملك من أمري شيء،  سحقاً لك أيها الأسد المتعجرف تنعتني بالجمود وأنت مربوط في ساقي وقليل الحيلة بل أنك أقل حيلة مني وأحوج ما تكون لمساعدتي.!

أنتفض الأسد وهو لا يدري سبب السعادة التي دبت في عروقه فجأة هل هي بسبب الشجرة الناطقة.!  أو بسبب أن بمقدورها مساعدته!، من يفهمك بمقدوره مساعدتك! وأنت  تفهمينني أيتها الشجرة الجميلة،  أرجوك ساعديني لأتخلص من  الشرك المربوط في ساقك فلدي زوجة وأبناء كما أني أتألم من الجراح التي سببها لي القيد.

الشجرة : أنت أسد، تمتلك مخالب بارزة، وعقل صياد، وأنياب حادة ، وجثة قوية البنية ، تطلب مساعدتي أنا الشجرة التي أستمد طاقتي من الشمس وأصنع غذائي بنفسي، فأوراقي وجذوري هما من يمتصان الماء والهواء لمساعدتي على الحياة، ما هذا التواضع ليس لهذا الحد يا ملك الغابة! ثم أنني لا أستطيع الٌقيام بشيء سوى أن أكبر وأطرح الثمار وأمنحك الظل والأمان بتوفير الغذاء للحيوانات التي تتغذي عليها وأمثالك، بت  الآن تفهمني فلماذا لا تساعدني؟

الأسد :  أطلبي ما شئت وسأقوم بعمله من أجلك خدمة مقابل خدمة.

الشجرة : حقاً، أريد إذاً أن أنتقل بجانب جدول النهر هناك في طرف الغابة فلم أعد أستطيع أن أمد جذوري إلى هناك بسبب الطريق الأسفلتي الذي صنعه البشر، لقد كبرت ولم تعد جذوري تقوي على إختراقه لجلب الماء.

الأسد : حرري قيودي وسأقوم بعدها بمساعدتك حتى تنالي مرادك.

الشجرة : كيف؟

الأسد : لا أدري لكنني سأفعل المستحيل من أجلك لكن حرريني أولاً.

الشجرة : كيف أحررك؟ فأنا لا أستطيع الحراك من مكاني.

الأسد : إلا تثقين بنفسك وبطبيعتك؟

الشجرة : نعم كلي ثقة.

الأسد : إذاً إفعلي شيئاً لإنقاذي قبل أن يأتي الصياد ويقتلني فكل ما يهمه هو فروتي اللآمعة.

تبتسم الشجرة بعد أن أينعت فكرتها على نصلاتها المتلألئة،  هذا صحيح إذا أتحدنا أنا وأنت لا بد أننا  سنفوت علي الصياد فرصة كبيرة للربح كما هو واضح من جمال فروتك.

الأسد : لست في مزاج جيد للضحك ماذا لديك أخبريني؟

الشجرة : ليس قبل أن تعد بمساعدتي أولاً.

الأسد : أقسم لك على ذلك!

الشجرة : سأسقط عليك ثماري وهي مليئة بالزيت أمذقها في فكك القوي ثم أتفل بها على قدمك حتى يتخللها الزيت ومع أول هبة للرياح سأرمي بغصني ذاك المائل إليك من جهة اليمين فتقبض عليه بفكك  وتستعين بقوتي على سحب قدمك وبمساعدة الغصن ستتمكن حتماً من الإفلات.

الأسد : هيا ماذا تنتظرين ألقي إلى بالثمار!

الشجرة : نحتاج إلى رياح ها هي الرياح ستهب أنتظر أيها الأسد الضعيف!

أسقطت الشجرة ثمارها على الأسد الذي قام في حينه بجمعها وطحنها في فمه وأفرغها على قدمه الجريحة حتى تخضبت بالزيت وجاء دور الغصن.

الشجرة : نحتاج الآن إلى رياح أقوى من سابقتها لأناولك الغصن كن جاهزاً لا بد أنها أقتربت أشم رائحة المطر وعاصفة هوجاء قادمة لا محالة.

بعد ساعة إنتظار وترقب، سمع الأسد صرير صوت سيارة قادمة من فوق الطريق الأسفلتي وأخذ يتخبط في مكانه خوفاً، لقد جاء الصياد وحانت النهاية أقتربت من حتفي بالتأكيد، سيطلق الصياد الرصاص على رأسي من مسافة بعيدة وسيلقيني ميتاً بدون حراك، لن أتمكن من رؤية أبنائي ولوبتي العزيزة، ليتني سمعت كلامها اليوم ولم أخرج للصيد، أخذ يتوسل إلى الشجرة مدي غصنك وأنقذيني أيتها الشجرة الطيبة .

الشجرة : وحده الله من يأتي بالرياح فأنا وأنت عديمي الفائدة بدون مساعدة الله هو الخالق، أدعوا الله أن يأتي بالرياح وسأمد لك غصني مع أول هبة.

أخد الأسد يتوسل إلى الله، وكانت السيارة قد أقتربت وأصبح بإمكان الأسد رؤيتها تقترب من أول الطريق الأسفلتي وبدأت نبضات قلبه تخفق وهو يدعوا الله أن ينقذه أقتربت سيارة الصياد ثم توقفت في آخر الجرف وأخذ الصياد بتصويب بندقيته  إلي الأسد وأيقن الأسد بالهلاك، حينها وفي أعسر ما يكون المرء في حاجته إلى الله تظهر عظمة الله.

 هبت عاصفة ألقت بالبندقية من يد الصياد وصاحت الشجرة بالأسد الآن.....! ألتقم الأسد غصن الشجرة وأستعان بها على سحب جسده من الشرك، نجح أخيراً بمساعدة الشجرة من الإفلات والنجاة وراح يركض فرحاً شكراً لله أولاً وأخيراً، أيتها الشجرة الطيبة سأعود حتماً لمساعدتك أنا أفهمك أكثر من أي وقت مضي!.

مرت بعدها سنين طويلة والجميزة تنتظر الأسد ليعود ويبر بقسمه لها، ويحملها إلى الشق الآخر من الغابة هناك قرب جرف النهر.

تمت،،
بقلم - سلطان خويطر

ملاحظة : لا تنسي أن تدعم الروائى بما أستفدته من خلال هذه القصة.


يتأ